14- ولم يَحُدَّ لأمته مسافةً محدودةً للقصرِ والفِطْرِ. 15- ولم يَكُنْ من هَدْيِهِ الجمعُ راكبًا في سفره، ولا الجمعُ حالَ نزولِه، وإنما كان الجمعُ إذا جَدَّ به السيرُ، وإذا سارَ عقيب الصلاة، وكان إذا ارتحلَ قبل أن تزيغَ الشمسُ أَخَّرَ الظهرَ إلى وقتِ العصرِ ثم نزلَ فجمعَ بينهُما، فإنْ زالت الشمسُ قَبْل أَنْ يرتحلَ صلَّى الظهرَ ثم رَكِبَ، وكانَ إذا أعجلَهُ السيرُ أَخَّرَ المغربَ حتى يجمعَ بينها وبين العشاءِ في وقتِ العشاءِ. 16- وكانَ يُصَلِّي التطوعَ بالليلِ والنهارِ على راحلتهِ في السفرِ قبل أيِّ وجهٍ توجهت به، فيركعُ ويسجدُ عليها إيماءً، ويجعلُ سجودَه أخفضَ من ركوعِه. 17– وسافَر في رمضانَ وأفطرَ وخَيَّر الصحابةَ بينَ الأمرين. 18– وكان يَلْبَسُ الخفافَ في السفرِ دائمًا أو أغلب أحواله. 19– ونَهَى أن يطرُقَ الرجلُ أهلَهُ ليلًا إذا طالتْ غَيْبَتُه عَنْهُمْ. 20– وقال: ((لا تَصْحَبُ الملائِكةُ رُفْقَةً فيها كَلْبٌ ولا جَرَسٌ)) [م]. 21- وكان إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدأَ بالمسجدِ فَرَكَعَ فيه رَكْعَتَيْنِ، وكان يُلَقَّى بالوِلْدَانِ مِنْ أهلِ بَيْتِهِ. 22- وكان يعتنقُ القادمَ من سفرِه، ويقبِّلُهُ إذا كان مِنْ أَهْلِهِ.

هدي الحبيب في سفره وعبادته فيه (4) - زاد المعاد - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام

يجد الناس في الأسفار والرحلة إلى الأمصار فرصة للاستجمام والراحة من متاعب الحياة ومشاغلها ، وسبيلاً إلى الوقوف على عجائب البلدان ، وبدائع الأوطان ، ومصارع الأمم الغابرة ، مما يزيد العبد يقيناً بعظمة خالقه وبديع صنعه ، كما قال ربنا في محكم كتابه: { وفي الأرض آيات للموقنين} ( الذاريات:20) ، وقال أيضاً: { قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} ( الأنعام: 11). وإذا كان الترحال من جملة الحاجات البشرية التي لا غنى عنها ، فقد وضعت الشريعة له من الضوابط والآداب التي تجعله لا يخرج عن إطار التعبّد لله جلّ وعلا. فعند العزم على المسير ، جاءت السنّة النبوية بالإرشاد إلى صلاة الاستخارة ، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعلّم أصحابه الاستخارة في الأسفار بل في شؤون الحياة كلّها ، كما جاء في حديث جابر رضي الله عنهما قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن " رواه البخاري. والاستخارة سنّة نبوية يعلم منها المسافر إن كان الخير في بقائه أو رحيله ، وفيها تربيةٌ للمسلم أن يربط أمورها كلّها بخالقه ومدبّر أموره ، فلا يُقدم على شيء ولا يتأخّر عنه إلا بعد أن يستخير الله ويفعل ما ينشرح له صدره ، ثم إن في الاستخارة إبطالٌ لما كان يفعله أهل الجاهليّة من زجر الطير أو سؤال الكهّان والعرّافين ، أو غير ذلك من أنواع الدجل والخرافة.

ومما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم - من الأذكار أثناء المسير التكبير عند الصعود والتسبيح عند الهبوط ، ففي حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: ( كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا) رواه البخاري ، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان إذا قفل – أي: رجع - من غزو أو حج أو عمرة ، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات" رواه البخاري ، وكان عليه الصلاة والسلام يوصي بذلك ، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: " يا رسول الله ، إني أريد أن أسافر فأوصني " ، فقال له: ( عليك بتقوى الله ، والتكبير على كل شرف). وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل قرية أو شارف على دخولها، قال:- ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها) رواه النسائي. ومن سنن النبي – صلى الله عليه وسلم – الاستعاذة عند النزول في أرضٍ من شرّ ما فيها من المخلوقات الضارّة ، فكان يقول: ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) رواه مسلم.

هدي النبي في السفر عبر الزمن

وسئل الإمام أحمد رحمه الله، عن التطوع في السفر؟ فقال: أرجو أن لا يكون بالتطوع في السفر بأسٌ، ورُوي عن الحسن قال: كان أصحابُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسافرون، فيتطوَّعون قبل المكتوبة وبعدها، وروي هذا عن عمر، وعلي، وابنِ مسعود، وجابرٍ، وأنس، وابنِ عباس، وأبي ذر.

الخطبة الأولى: إن الحمد لله.. إخوة الإيمان.. التوفيق والسداد، والخير والرشاد، في اقتفاء هدي سيد العباد، وإمام العُبّاد، محمدِ بن عبدالله عليه الصلاة والسلام.. فهديه أكمل الهدي، وسُنَّتُه وحي من الوحي، ما استمسك بها عبدٌ وتدثر بدثارها إلا أنار الله قلبه، وأكرمه وأحبه، وغفر خطيئته وذنبَه ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31]. ولما كانت الأسفار، والتنقل في الأقطار، من أهم مقاصد الناس في مواسم الإجازة، فليكن حديثنا عن هدي خير من حل وارتحل، وسار ونزل، هلمَّ لنصحبَه صلى الله عليه وسلم في أسفاره، فنتعرفَ على أحواله، ونتمثلَ بأقواله، ونأتسيَ بأفعاله. فكل خير في اتباع أمرِهِ *** وكل شر في اقتراف نهيهِ من حاد عن سنته وهديهِ *** مسربل في جهله وغيِّهِ كَانَتْ أَسْفَارُهُ صلى الله عليه وسلم دَائِرَةً بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَسْفَارٍ: سَفَرُهُ لِهِجْرَتِهِ، وَسَفَرُهُ لِلْجِهَادِ وَهُوَ أَكْثَرُهَا، وَسَفَرُهُ لِلْعُمْرَةِ، وَسَفَرُهُ لِلْحَجِّ. وَكَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا سَافَرَ بِهَا مَعَهُ، وَلَمَّا حَجَّ سَافَرَ بِهِنَّ جَمِيعًا.

ومن سنن النبوة الإمارة في السفر باختيار من يتولّى شؤون الرحلة ويحدّد مسيرتها ، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأمر أصحابه إذا ارتحلوا أن يجعلوا عليهم أميراً، حتى يكون رأيهم واحداً، ولا يقع بينهم الاختلاف، وكل ذلك حرصاً منه عليه الصلاة والسلام على لزوم الجماعة وتجنب أسباب الفرقة. وكان من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – أيضاً السفر يوم الخميس في أول النهار، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: " لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس " رواه البخاري ، ويكون خروجه أوّل النهار ووقت البكور لفضله وبركته ، كما قال – صلى الله عليه وسلم -: ( بورك لأمتي في بكورها) رواه الطبراني.

وأما ما رواه أبو داود والترمذي في السنن، من حديث الليث، عن صفوان بن سليم، عن أبي بُسرة الغفاري، عن البراء بن عازب، قال: سافرتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانيةَ عشر سفرًا، فلم أره ترك ركعتين غد زَيْغِ الشمس قبل الظهر. قال الترمذي: هذا حديث غريب. قال: وسألت محمدًا عنه، فلم يعرفه إلا من حديث الليث بن سعد، ولم يعرف اسم أبي بسرة ورآه حسنًا. وبسرة: بالباء الموحدة المضمومة، وسكون السين المهملة. وأما حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يدعُ أربعًا قبل الظهر، وركعتينِ بعدها، فرواه البخاري في (صحيحه) ولكنه ليس بصريح في فعله ذلك في السفر، ولعلها أخبرت عن أكثر أحواله وهو الإِقامة، والرجال أعلم بسفره من النساء ، وقد أخبر ابن عمر أنه لم يزد على ركعتين، ولم يكن ابن عمر يصلي قبلها ولا بعدها شيئًا. والله أعلم. 1 0 9, 433

وفي التكبير عند الارتفاع، والتسبيح عند النزول تناسب لطيف، فإن الارتفاع والعلو يورث تعاظمًا في قلب المخلوق، إما في نفسه، أو بما يراه من المخلوقات العظيمة المرتفعة، فكان تكبيره صلى الله عليه وسلم عند الارتفاع استشعارًا لكبرياء الله عز وجل على كل كبير ومتكبر، وردًّا للنفس إلى صغارها وحقارها. وأما تسبيحه صلى الله عليه وسلم عند النزول، فلِما في النزول والهبوط من معاني السفول والذل، والتسبيحُ تنزيه لله تعالى، وتقديس له من هذه المعاني الدنيِّة. ولمن سافر في سيارةٍ أو ارتحل بطائرةٍ أسوةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكبرُ عند إقلاعها وارتفاعها، ويسبِّحُ عند هبوطها ونزولها، يحيي السنة، ويُعلِّمُ الجاهلَ، ويذكّر الناسي، وكم في إحياء السنة ونشرها والعمل بها من الخير والبركة على الناس!!

  1. طريقة نقل ملكية شركة الكهرباء
  2. اجمل عبارات عن التراث الفلسطيني قصيرة - فكرة نيوز
  3. هدي النبي صلى الله عليه وسلم
  4. جولة في اسواق الحجاز مول مكة المكرمة - YouTube
  5. مجموعة الهلال في اسيا

وأرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى إعطاء الراحلة نصيبها من الراحة والغذاء خصوصاً في مواسم الخصب ، حتى تتمكّن من متابعة السير ، كما نهى عن النزول في وسط الطريق فقال: ( إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة -أيام القحط - فأسرعوا عليها السير ، وإذا عرستم بالليل – أي نزلتم في الليل منزلاً - فاجتنبوا الطريق ؛ فإنها مأوى الهوام بالليل) رواه مسلم. وجاء النهي أيضاً عن المرور على المواضع التي نزل فيها العذاب إلا أن يكون ذلك على سبيل الاتعاظ والاعتبار ، فعندما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحجر ثمود قال لأصحابه: ( لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم ، إلا أن تكونوا باكين) ثم قنّع رأسه – أي غطّاه - وأسرع السير حتى أجاز الوادي ، متفق عليه. وإذا نظرنها إلى أسفار النبي – صلى الله عليه وسلم – وجدنا أنها تتعلق بأحد أربعة أسباب: السفر للهجرة، والسفر للجهاد، والسفر للعمرة والسفر للحج ، وأحياناً كان يسافر مصطحباً إحدى زوجاته ، وكان عليه الصلاة والسلام يختار من ترافقه بالقرعة كما تقول عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه " متفق عليه.

ألا وصلوا وسلموا..

  1. بروشور جاهز عن التدخين
December 26, 2021, 5:15 pm